أعداد: ميسه جمال بندقجي.

جامعة ام القرى قسم: الاعلام (علاقات عامة)

بأشراف الدكتورة: عزة الكحكي.








الخميس، 5 مايو 2011

الإعلام الجديد وصناعة الوعي


( أكثر من أربعة أخماس سُكان الأرض يعتقدون أن الوصول إلى الإنترنت هو حقٌّ أساسيٌّ من حقوق الإنسان )
كانت هذه هي خلاصة نتائج استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة البريطانيَّة (بي. بي. سي) قبل فترةٍ، وشَمِلَ 27 ألف شخصٍ في 26 دولة في أنحاء العالم، هذا الاستطلاع الذي أيدته إجراءات تبنتها بعض الدول، مثل فنلندا وأستونيا التي قرَّرت بالفعل أن الوصول إلى شبكة الإنترنت هو أحد حقوق مواطنيها، يثبت بالدليل القاطع بالفعل، أن الإنترنت، بعد 40 عاماً على إرسال أول رسالةٍ إلكترونيةٍ، وميلاد الشبكة العنكبوتية، قد صارت أحد أهم وسائط الاتصال والمعرفة وصناعة الوعي، في عالمنا المُعاصر.

وتنتمي الإنترنت إلى ما يُعْرَفُ بوسائط الإنفوميديا (Info Media) أو النُّيوميديا (New Media)، والتي تنتمي بدورها حزمةٍ تُعْرَفُ بوسائل القوَّة النَّاعمة أو الـ(Soft Power) التي كانت مفتاح انتصار الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على الاتحاد السوفيتي السابق والكتلة الشرقية خلال الحرب الباردة؛ حيث كانت الوسيلة الأساسية للقفز على (الستار الحديدي) الذي أقامه ستالين حول الاتحاد السوفيتي والدِّول الشيوعية، ونقل قِيَم الحياة الغربية إلى شعوب هذه البلدان، حتى جاء التَّصدُّع من داخل هذه الدِّول، وليس من خارجها.

فلقد تحوَّلت هذه الوسائل من مجرَّد وسائل إعلام، إلى وسائطٍ لنقل المعرفة، ثُمَّ لم تلبث أنْ تحوَّلتْ إلى وسيلةٍ من وسائل التَّعارف الاجتماعي وتبادُل الآراء والأفكار، التي تجاوزت بدورها الحاجز الاجتماعيِّ وحواجز الُّلغة إلى ما مناقشة كلِّ ما هو سياسي، مع كسرِ كلِّ المحظورات، في ظلِّ الطَّبيعة الخاصَّة التي تتميَّز بها وسائل الإعلام والمعرفة الجديدة، من قدرةٍ عاليةٍ على الإفلات من قًيود الرَّقابة وحواجز السَّيطرة الرَّسميَّة.

وصار الإعلام الجديد، وخصوصاً شبكات التَّفاعُل الاجتماعيِّ، مثل (فيس بوك) و(تويتر)، ومُواقع التَّحميل المجانيِّ للأفلام والمقاطع المرئيَّة، وعلى رأسها الـ(يوتيوب)، أحد أهم وسائل صناعة الوعي، بمعناه الإيجابيِّ أو السَّلبيِّ، في زمننا المعاصر، وخصوصاً لدى الشَّباب الذي يُشكِّل النِّسبة الأكبر من جمهور مستخدمي الإنترنت ووسائل الإعلام الجديد.

ولكي يُمكن تصور حجم تأثير هذه الوسائط في حياة الإنسان المُعاصر، يكفي مُطالعة بعض الإحصائيَّات الحديثة عنها، ففي نهاية عام 2009، وصل عدد مستخدمي الإنترنت في العالم لحوالي مليار و734 مليون نسمة، من بين سبعة مليارات نسمة، أي بنسبة 25% من تعداد سُكَّان العالم، ارتفاعاً من 361 مليون شخص فقط في عام 2000، بنسبة زيادةٍ قدرها 380%.

ومن بين المليارَيْن إلا ربع المليار الذين يستخدمون الإنترنت في العالم، هناك حوالي 940 مليون شخصٍ يستخدمون المواقع الاجتماعيَّة، 72% منهم يتواجدون في أكثر من موقعٍ اجتماعيٍّ، بحسب إحصائيَّات شركة (إنسايت كونسالتينج  Consulting InSites) الأمريكيَّة للأبحاث المُتخصِّصة، ويحتل (فيس بوك) المركز الأول بنسبة 51%، ثُمَّ شبكة (ماي سبيس) بنسبة 20%، ثُمَّ (تويتر) بنسبة 17%، والباقي لمواقع مثل (فليكر) وغيرها.

على مستوى العالم العربيِّ، وبحسب إحصائيَّاتٍ لائتلاف الأمم المتحدة العالميِّ لتقنية المعلومات والاتِّصالات والتَّنمية، فإنَّ عدد مستخدمي الإنترنت فيه وصل إلى 38 مليون نسمةٍ، من إجمالي 335 مليون نسمة، أي أكثر قليلاً من نسبة 10%، وارتفع عدد مستخدمي الإنترنت فيه من عام 2000 وحتى عام 2009، بنسبة 1200%، مقارنةً مع معدَّل الزيادة العالميِّ السَّالف 380%.
هذا عن حجم الانتشار، وهو وحده كافٍ للحكم على مدى تأثير الإعلام الجديد على المجتمعات الإنسانيَّة في عصرنا الحالي، إلا أنَّ هناك العديد من المُؤشِّرات الأخرى التي توضِّح عُمق تأثير وسائط الإعلام الجديد على الحياة في العالم العربيِّ والإسلاميِّ وفي عموم المُجتمعات الإنسانيَّة.

وفي حقيقة الأمر، وأياً ما كان الموقف من بعض التَّفاعُلات السِّياسيَّة والأفكار المطروحة حالياً على شبكات ووسائط الإعلام الجديد؛ فإنَّ (فيس بوك) وأمثاله من المواقع والشبكات الاجتماعيَّة ووسائط الفضاء، باتت جزءاً شديد الأهمِّيَّة من مجموعة أدوات ساهمت في تنمية وعي الشَّباب العربيِّ والمسلم، بجانب الفضائيَّات وأدواتها الأهم، وخصوصًا البرامج الحواريَّة والتَّفاعُليَّة أو الـ(توك شو Talk Show).

وهو ما يفرض على ذوي الشَّأن من الإعلاميِّين وعلماء النَّفس والاجتماع وكذلك المُثقَّفين والإعلاميِّين في العالم العربيِّ والإسلاميِّ، البحث في سُبُلِ تعظيم إيجابيَّات هذه الوسائط، والتَّقليل من تأثيراتها السَّلبيَّة على شبابنا العربيِّ والإسلاميِّ، والتي من بينها الغزو الفكريِّ والتَّرويج للإباحيَّة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق